kolanas - 2025-01-13 08:40:22 -
بروفيسور روب هاوز: لا يمكن لأي مصطلح قانوني - حتى الإبادة الجماعية - أن يصف الفظائع الإسرائيلية في غزة
منذ أكتوبر الماضي، تزايدت الأدلة على أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في غزة. وللإبادة الجماعية معنى دقيق في القانون الدولي وهو: التدمير المتعمد لشعب ما "كليًا أو جزئيًا". إن إرث الهولوكوست يجعلنا نفكر في "الإبادة الجماعية" كمصطلح نهائي لوصف فظائع من هذا النوع. ومع ذلك، هناك حدود لاستخدام هذا المصطلح القانوني وحده فقط لشرح ما يجري في غزة والتعبير عن لا أخلاقيته. بالنسبة لي، لا يمكن لأي مفهوم قانوني أو جريمة جنائية أن تستوعب فظاعة ما يجري في غزة. إنها أكثر من مجرد إبادة جماعية - إنها قتل "متحمس ومبتهج" دون رادع.
أنا أشير هنا بالأساس إلى الطريقة الاحتفالية التي يسجل بها الجنود الإسرائيليون ما يقومون به من تدمير في غزة على هواتفهم الذكية، وهي ممارسة منتشرة لدرجة أنها لفتت انتباه حتى وسائل الإعلام الرئيسية التي عادة ما تتردد في التدقيق في جرائم إسرائيل بشكل مكثف، مثل صحيفة واشنطن بوست. أن تقتل الأطفال أمام عائلاتهم وتدمر وتدنس الأماكن المقدسة وتنتهك حرماتها، وتنهب حتى وسائل البقاء على قيد الحياة كالطعام والكساء هو أمر جلل بحد ذاته. ولكن فوق ذلك تتباهى وتتفاخر وتبتهج وأنت تقوم بهذا؟
تدور قوانين الحرب الحديثة والانضباط العسكري الحديث حول فكرة أنه بالتدريب المناسب، بما في ذلك اعطاء التوجيهات في القانون الإنساني، يمكن للجنود تنفيذ أوامر التدمير والقتل مع ممارسة ضبط النفس المهني. ويمكنهم أن يكونوا فتاكين بالقدر المطلوب لتحقيق الأهداف العسكرية بينما يتصرفون وفقًا لقواعد أخلاقية وقانونية.
وكما نرى الآن في أفغانستان والعراق، فإن التكلفة النفسية التي يتكبدها الجنود لتحقيق التوازن بين هذه المتطلبات باهظة - ويبدو أن اضطراب ما بعد الصدمة هو القاعدة وليس الاستثناء. نحن نعلم أيضًا أن بعض الجنود ينفجرون في ساحة المعركة، ويثورون تلقائيًا ويتركون كل ضبط النفس وراء ظهورهم. والبعض الآخر لا يفعل ذلك.
يقول فورد مادوكس فورد، الكاتب الذي عايش خنادق الحرب العالمية الأولى، على لسان الراوي في إحدى قصصه القصيرة ”كان هناك الكثير ممن ذهبوا إلى حافة الجنون- ولكن كان هناك الكثير ممن بقوا، بفضل الله، على الجانب الآخر من الحافة”. الضمير والحرب لا يتعارضان في حد ذاتهما. “هل نحن وحوش؟ هل ذهبنا بعيدًا جدًا؟" سأل ونستون تشرشل عندما كان على وشك إعطاء الأوامر بقصف المناطق المدنية في المدن الألمانية. وفي وقت لاحق ذرف الدموع على الضحايا الأبرياء لاستراتيجيته الحربية.
والآن ماذا عن قادة إسرائيل؟ كما وثقت جنوب أفريقيا في المراحل الأولى من قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، فإن قادة إسرائيل العسكريين والسياسيين أمروا جنودهم مراراً وتكراراً بتدمير كل شيء، وإزالة كل رادع - وهي دعوة للذهاب إلى ما وراء "حافة الجنون"، على حد تعبير مادوكس فورد.
لا يتعلق الأمر بالإبادة الجماعية فقط. إنه يتعلق أيضا بالإبادة القانونية - تدمير مفهوم الحدود القانونية في الحرب برمته - فضلا عن التدمير الشامل للحياة الأخلاقية للجنود وأرواحهم وضمائرهم.
إن متعة القتل المنحرفة لم تبدأ في غزة. فوفقًا للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، عرفت المجتمعات القديمة "اللذة المطلقة المتمثلة في القدرة على ممارسة القوة، دون وازع، على من لا حول له ولا قوة... إنها متعة ولذة عظيمة [للقسوة]". كتب نيتشه: ”بدون القسوة لا توجد وليمة احتفالية".
هذا الميل البشري القديم للقسوة لم يُمحَ أبدًا من الحالة البشرية، حتى بعد عدة إبادات جماعية وحربين عالميتين. هناك الصور المروعة التي لا تنسى من سجن "أبو غريب" في العراق - جنود أمريكيون يبتسمون في صور سيلفي مع جثث المعتقلين الذين عذبوا حتى الموت على يد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إي). وكما يذكرنا فيلم الإثارة الكندي الأخير "الغرف الحمراء" (Red Rooms) - الذي يدور حول رجل افتراضي يُزعم أنه بث جريمة قتله لثلاث فتيات مراهقات في غرفة دردشة على شبكة الإنترنت - فإن هذا موجود حتى بدون ظروف الحرب. يتكرر القتل "الابتهاجي" على مر التاريخ البشري، ومهما كانت التهمة خطيرة، فإن الإبادة الجماعية لا تشملها (ولا حتى تستلزمها - بالنسبة إلى حانا أرندت، فإن أيخمان يمثل تفاهة الشر).
ما الذي يدفع الجنود الإسرائيليين إلى مثل هذا الشر؟ ربما رحلة المتعة النيتشوية المتمثلة في القضاء على الضعفاء - وإن كانت هناك أشياء أخرى أيضًا. أشار جاك شاول، وهو معالج وباحث متخصص في علاج الصدمات النفسية درس الأذى المعنوي الذي يلحقه العنف في زمن الحرب بالجنود، إلى حاجة الجنود إلى أن يُظهروا لبعضهم البعض أنهم أقوياء، وأنهم على قدر المهمة الشنيعة التي أوكلت إليهم - وأنهم قادرون على "التماسك". وهذا يمكن أن يفسر بعض صور السيلفي المبتسمة أمام المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد المدمرة: محاولة يائسة لكبت الجرح المعنوي، لإنكار أن جرائمكم تدمركم من الداخل.
كتبت أرندت في رسالة إلى الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز في وقت قريب من محاكمة آيخمان أن جرائم الإبادة الجماعية "تفجر حدود القانون وهذا بالضبط ما يشكل وحشيتها".
عند الحديث عن الإبادة الجماعية اليوم، من الصحيح قانونيًا وأخلاقيًا التأكيد على أن سكان غزة هم الضحايا الرئيسيون. ومع ذلك، فإن الضرر الذي ألحقته إسرائيل بالقانون والأخلاق يتجاوزهم - فقد أحدثت هاوية أخلاقية لا تحمل اسمًا قانونيًا. ومن المؤكد أن القانون الدولي الإنساني يتضمن مخالفات قانونية تصل إلى ممارسات من قبيل إذلال الضحايا وإهانة كرامتهم الإنسانية. بعض ما نراه على هواتف الجنود الإسرائيليين الذكية يرقى على الأرجح إلى ذلك. يمكن لإصدار الأحكام في المحاكم الدولية أن يأخذ في الاعتبار إلى حد ما السلوك الذي يقتل به الجنود - وتشمل "العوامل المشددة" و"القسوة الخاصة". ولكن لا شيء من هذا يعبّر تمامًا أو بالضبط عن انهيار الأخلاق الذي تمثله صور السيلفي تلك والأفعال التي يوثقها الجنود بفرح ابتهاجي. ليس الشعب الفلسطيني وحده من يحتاج إلى التعافي من هذه الإبادة الجماعية - وهذه أكثر من مجرد إبادة جماعية - بل الإنسانية نفسها.
-روب هاوز هو أستاذ القانون الدولي في جامعة نيويورك، وقد درّس في جامعة هارفارد والسوربون والجامعة العبرية في القدس وكلية لندن للاقتصاد. نُشر المقال على Novara Media وهو منصة إعلامية مستقلة تتناول تحديات القرن الـ21 وفي مركزها العنصرية والرأسمالية والتغيّر المناخي
منذ أكتوبر الماضي، تزايدت الأدلة على أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في غزة. وللإبادة الجماعية معنى دقيق في القانون الدولي وهو: التدمير المتعمد لشعب ما "كليًا أو جزئيًا". إن إرث...
الناصرة | 28.51° - 29.81° | |
حيفا | 30.52° - 31.83° | |
القدس | 26.18° - 28.4° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.97° - 32.27° | |
رام الله | 26.11° - 28.33° | |
بئر السبع | 32.32° - 32.32° | |
طمرة | 30.16° - 31.47° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
نهاية الحرب الإقليمية...استمرار الحرب الوجودية/ منعم حلبي أولًا، ابارك عملية وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان/ حزب الله/ ايران...نحن ضد الحروبات، ومع بناء الإنسان وليس...
نستهل عامًا ميلاديًا جديدًا على أمل ان يكون أفضل بكثير من العام الذي سبقه، بحيث كان عام 2024 عامًا قاسيًا من كافة النواحي، الاقتصادية، والنفسية والمعنوية. مجتمعنا العربي...