kolanas - 2024-11-14 15:12:04 -
الناصرة «القدس العربي»: مرزوق الحلبي من بلدة دالية الكرمل، قضاء حيفا ــ شاعرٌ وكاتبٌ، وناقدٌ أدبي وأستاذٌ جامعي. له إسهاماتٌ لافتة في السياسة والاجتماع واللغة والثقافة. صدرَ له مؤلفان شعريان، «في مديح الوقت» و»الطريق إلى الآخرة»، وقد تُرجم شعره للعديد من اللغات. أتم الحلبي تعليمَه الابتدائي والثانوي في مدارس بلدته في جبل الكرمل. نشط في سن مبكرة ضمن لجنة المبادرة الدرزية كرافض لقانون التجنيد الإلزامي ودخل السجن. التحقَ بالحزب الشيوعي في عام 1977، وترك صفوفَه في عام 1998. درس الأدبَ المقارَن والعلومَ السياسية والحقوق ـ اختصاص حقوق إنسان وأقليات ـ أعد أطروحتَه في العلوم السياسية عن التوتر بين العولَمة والدولة القومية، ويعكفُ اليوم على أطروحة الدكتوراه في الدراسات الثقافية في جامعة تل أبيب. يُدرّس الحلبي في معهد في القدس ويُحاضرُ كضيفٍ في مؤسساتٍ أكاديميةٍ ومؤتمرات. من ناحية أخرى زاملَ الراحلين إميل حبيبي، سالم جبران، سميح القاسم، وسلمان ناطور، ما كان له الأثر البالغ على مسيرته الثقافية والإبداعية. عن هذه المسيرة كان هذا الحوار ..
*نبدأ بالاسم (الحلبي)، يشي بأن الأصل من حلب، ماذا بقي من حلب فيكم؟
ـ جاء أجدادي من ريف حلب قبل نحو قرنين ونصف القرن، أو أكثر قليلا. من كفر رام وعيون لوزة. سكنوا الكرمل وبقوا هناك. ستجد الاسم بصيغة «حلبي»، وهو ذاته. وأنا أصر على الحلبي وهو الاسم الذي وجدته على كُتب والدي الذي وقع اسمه هكذا. لعل ما بقي فينا من حلب هو بعض أطباقها والأهم لهجتها التي لم تتغير رغم التوطن في فلسطين التاريخية، إضافة إلى اللهجة، الشعور بالانتماء إلى الشام وحاضرتها. وهو ما كان واضحا في أزجال وقصائد والدي، الذي كان يُحفظني قصائده أو قصائد يحفظها هو عن الذين سبقوه.
*مسيرة والدك سعيد نجيب الحلبي حافلة فماذا أخذت منه؟
ـ صحيح أنه ابن عائلة فلاحية أبا عن جد، لكنه أهداني شحنة كاملة من العنفوان والإباء في شرط سياسي سائل. أن أقول الحق ولو على قطع رأسي. هذه واحدة من قيَم بيتنا وهي الوصية التي كان يرددها على مسامعنا. من هنا فقد التحق في سن مبكرة بالثورة الفلسطينية في الثلاثينيات، وظل نشيطا إلى ما بعد عام النكبة. أخذت تجربته هذه. وهي تجربة إنسان ريفي لكنه بنفسية أمير حر. ولد عام 1916 ورحل في عام 2012. كما أنني تتلمذت على والدتي زهر الحلبي، التي دخلت في عامها الـ 99. وهي ذات شخصية قوية توازي شخصية والدي. لا تزال تُنتج بيديها وتصنع ما يتيسر لها، وأخذت منها الإصرار والمثابرة وإنتاج الأشياء من العدم. كانت تصنع طعامنا لأسابيع من حاكورتنا، تُنتج الحياة الميسرة رغم الفقر والقلة.
*قلت إنك تمتلك لغة أم وكذلك لغة أب، فماذا يعني ذلك؟
ـ أنا مدين بالشكر لكل المعلمين الذين أهدوني اللغة، أخص بالذكر ونيابة عنهم جميعا، معلمي أستاذ اللغة العربية سليمان جبران أمد الله في عمره. فقد علمني لغة الضاد وأسرارها في الصف الثامن الابتدائي، وحتى نهاية المدرسة الثانوية. فترة صباي كلها. بعده التقيت وعملت تحت إشراف «المعلم» إميل حبيبي في صحيفة «الاتحاد»، وله هو أيضا فضله عليّ في مقاربة اللغة واستعمالها استعمالا ناجعا، إذا صح التعبير، استعمالا أنيقا وجميلا. قبل جبران وحبيبي كان هذا والدي الذي حببني باللغة والأدب والشعر وحفظه.
*متى بدأت صداقتك مع القصيدة؟
مُبكرا، كمستمع لقصائد والدي وأصدقائه، ولأزجال الناس الذين كانوا يتخاطبون بها في الحقول والبيدر وفي الحي، وفي المناسبات السعيدة والحزينة. ثم كقارئ بعد امتلاكي الاقتدار اللغوي، وكحافظ للشعر في إطار سجالات صفية لا تنتهي تضطرنا إلى حفظ معلقة كاملة، أو عشرات الأبيات التي تبدأ بحرف ما، أو تنتهي بحرف ما. ثم أتت المدرسة والجامعة التي درست فيها الأدب المقارن. ثم عملي في جريدة «الاتحاد» وانكشافي كمحرر وقارئ على الشعر والأدب. لم أتعامل مع نفسي شاعرا إلا بعد أن كتبت قصيدة «بوابات فاس». قصيدة شعرت فيها بأنني استطعت الانتقال من لغة الصحافة والسياسة والفكر والبحث إلى لغة الشعر. وفي الخلفية مكتبة فيها مئات المجموعات الشعرية بثلاث لغات، درستها أو قرأتها وغُصت فيها سنوات. الشعر في نهاية المطاف ورشة تبدأ ولا تنتهي. تجرب فيها ولا تقتنع بتجاربك وتظل تبحث عن التجربة الأكثر إشراقا ونصاعة.
*علاوة على البيئة الاجتماعية التي أحبت الشعر والزجل هل هناك من تأثرت به من الشعراء في بدايات الطريق؟
ـ كثيرون كانوا قُدوتي في البدايات، في بدايات وعيي اللغوي والأدبي. واعتدت أن أقرأ كل ما تطاله يداي وعيناي. أقتني المؤلفات الشعرية دون حساب، وأضمها إلى مكتبتي وإلى قلبي وتجربتي، لكنني أذكر أنني عندما دخلت السجن، وكنت في مقتبل شبابي اصطحبت معي مجموعات لدرويش وسميح القاسم. وكنتُ أطلب من والدي أن يمدني بالكتب في كل زيارة، وأصر أن يكون من بينها مؤلفات شعرية متوفرة له ولأخوتي. لا أستطيع أن أشير إلى شاعر بعينه، لكني درست تجارب كثيرين من شعراء العرب الحديثين والقدامى. بقيت معي غنائية الشاعر نزيه خير ابن بلدي، الذي لم يحظَ باهتمام كافٍ، وبقيت معي تحولات محمود درويش وحرية أدونيس وعنفوان سميح القاسم، وتأملات زكريا محمد وصوت قاسم حداد وتجريب إميل حبيبي وعمق عبد الرحمن منيف وإصرار إلياس خوري، وحكمة جورج طرابيشي والقائمة طويلة.
*عملت مع الشاعر سميح القاسم ..ماذا تعني لك التجربة؟
ـ زاملته في عمل التحرير في صحيفتي «الاتحاد» و»كل العرب»، وعرفته عن كثب خارج نصوصه كإنسان طيب المعشر المحب والمرح والحاد. هو بالنسبة لنا في «بداياتنا الثورية» رمز وطني، خاصة لنا كشبيبة تنتمي لطائفة الموحدين الدروز. كان سميح بوابة لعروبتنا. شخصية كاريزماتية تعطيك حماسة وفخرا بالانتماء لهذا الشعب وهذه الثقافة كان سميح فعالا مشاركا في صياغة هوية جيل. في وعد وطاقات ينجح بتمريرها لك بـيُسر. ترك أثره على بناء هوية وطنية قومية عروبية داخل أراضي 48 وخارجها.
*كذلك الراحل إميل حبيبي، كيف رأيته ؟
ـ قصتي معه بدأت عام 1982 تحديدا. يومها، طلبني إليه في مقر صحيفة «الاتحاد»، ذهبت إليه بكثير من الترقب. وكان مباشرا فقال: «يا رفيق، قرأت ما تكتبه عندنا. أنت كاتب وستصير عظيما إذا جئت للعمل معنا، سنصدر الجريدة يومية ابتداء من السنة المقبلة وسيكون لك مكان عندنا. أنا أريدك معنا هنا». خرجت من هناك وأنا أفكر بعرضه، تركت سنة أولى جامعة وجئت، وهكذا بدأت رحلتي معه، وهي رحلة تعلم متعددة المستويات.. حرفة التحرير، العيش في اللغة ومعها على مدار اليوم، السياسة في جوهرها، وأن أكون إنسانا أفضل. إميل حبيبي لم يكن أستاذي وحدي، بل كان معلم جيل كامل أو جيليْن، وصانع لغة الفلسطينيين الباقين في وطنهم وخطابهم لأنفسهم وللآخر الوافد إلى لغتهم وأرضهم. لقد كان قدوتي لسنوات.. كان إنسانا بكل معنى الكلمة، يغضب ويفرح ويحزن ويبكي ويعترف ويعتذر. مليء بالمعاني والمعارف والتجارب. ومع هذا استطعت أن أكون تجربتي الخاصة ولغتي ومسيرتي واسمي ونصي. كان يحثني على ذلك ويهتف لي كلما نجحت، أعرف فضله عليّ وعلى سواي وأحفظ هذا الفضل ما حييت.
*ديوانك الأخير «الطريق إلى الآخرة»، ماذا يدلل العنوان وما يميزه؟
ـ إنه مؤلف وليس ديوانا بالدلالة التي رسا عليها هذا اللفظ. وإصداري الأول «في مديح الوقت» سميته مؤلفا شعريا، أيضا، لأن الشعر عندي عملية تأليف واعية بامتياز. هو عندي ليس من شعور، وإن كان الشعور واحدا من الحواس الداخلة في كتابة النص الشعري. الشعر عندي فعل عقلي، ينجم عن تفكير في الموضوع واللغة، عن دراسة وتأمل في الكون والأشياء والظواهر، بالنسبة للعنوان «الطريق إلى الآخرة»، استوحيته من التوحش والحروب وفظائعها هذه الأيام. استوحيته من تحليلاتي كأستاذ في العلوم السياسية، يعتقد أننا أمام حقبة من الشر المُطلق ستمتد لسنوات، لكنه في شق آخر قد يعني قيام الساعة ومجيء المخلص والخلاص ويوم الحساب. هو عنوان ينطوي على انسداد الأفق وعلى إمكانية حصول الفرج في الوقت ذاته.
*هناك من يقول إن القصيدة الفلسطينية تراجعت وأفل نجمها بعد رحيل جيل محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وحنا أبو حنا وعز الدين المناصرة ومعين بسيسو وراشد حسين وغيرهم؟
ـ أعتقد أن هذا الشعور أو الانطباع له ما يُبرره في الواقع السياسي، وليس في الواقع الشعري. القضية الفلسطينية ضعفت وأفلت بعض الشيء. الوعد الفلسطيني خاب. المشروع الوطني الفلسطيني ليس له الآن حاضنة، وهكذا، كل شيء يتصل بفلسطين وبضمنه الأدب عموما، والشعر خاصة، الذين ذكرتهم كتبوا في ظل مشروع وطني واعد وثورة. في ظل مشروع قومي عربي عام يسعى لامتلاك المستقبل وشروق الشمس. هذا المزاج غير موجود اليوم وغير متوفر للشعراء. ومع هذا أجزم بان لدينا شعرا جميلا ومُشرقا يكتبه أبناء وبنات فلسطين في شرط عام من الشعور بالخيبة والانكسارات المتتالية على أكثر من صعيد. أمر مشابه حصل في الأدب العربي عموما، وأنا أدرسه، انتبهت إلى أن الأدب العربي في المرحلة الراهنة ازداد غنى وعظمة، رغم أن الزمن العربي لا يتسم بالوعد ولا بالعنفوان والنهوض كما كان في الستينيات مثلا، بعد حقبة التحرر من الاستعمار وثورات شعوبه. في فلسطين وفي العالم العربي ستجد أصواتا كثيرة لنساء ورجال، أنتجوا البديع من النصوص رواية وشعرا. الشعر كيان عصي، إكسير حياة، يحفظنا من العطب لاسيما في الأزمات وحالات الضياع كما الآن.
عن: القدس العربي
إنقعاص.. مشهد مسرحي توثيقي هادي زاهر يَظهَر أبو جميل جالسًا في الغرفة لوحدهِ، يَستَعرِض بَنظرهِ الصّور المُعلّقة على الجُدرانِ، وَيَهِزُّ بِرأسهِ وَهوَ يَلوي رَقبته إلى...
الناصرة | 28.51° - 29.81° | |
حيفا | 30.52° - 31.83° | |
القدس | 26.18° - 28.4° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.97° - 32.27° | |
رام الله | 26.11° - 28.33° | |
بئر السبع | 32.32° - 32.32° | |
طمرة | 30.16° - 31.47° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
نهاية الحرب الإقليمية...استمرار الحرب الوجودية/ منعم حلبي أولًا، ابارك عملية وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان/ حزب الله/ ايران...نحن ضد الحروبات، ومع بناء الإنسان وليس...
سقوط الأسد كان في أيّار عام ال-21!وقفات على المفارقالوقفة الأولى... مع الرأس والبول وخيبة الأمل!أدرك أنّه من غير المألوف أن تفتتح نصّا، ومهما كان، بكلمات غير تقليديّة خصوصًا...