رؤساء مناضلون ورؤساء يُتقنون السحجة والثرثرة.../ مرزوق الحلبي

صدق اللسان ـ في بداية الأسبوع الماضي نشر رئيس المجلس السادق والأمين رفيق قاسم حلبي شريط فيديو يُبارك فيه للدالية تكملة تعبيد شارع التفافي عسفيا وربطه بشارع المحرقة. وتحدث كأنه هو صانع الحدث علمًا بأن هشام حاطوم هذا الشاب الشهم ورفاقه من أهل النخوة هم الذين فعلوا ذلك بمبادرتهم وعلى حسابهم دون أية علاقة بالمجلس أو رئيسه.
ما أريد أن ألفت النظر إليه هو ـ أن الرئيس لا يتردّد في الكذب والتضليل في موضوع مكشوف ومعروف كهذا فكم بالحريّ في قضايا تتم في الغرف المُغلقة؟ أو يُمكننا أن نسأل أكثر: كيف يُمكن للذين يُدافعون عنه أن يُفسّروا مثل هذا السلوك؟ أو كيف يُمكن أن يشرحوا لنا أنه فعل الأمر ذاته عشرات المرات من قبل؟ كيف يُمكن لكم أن تُدافعوا عن رئيس يكذب علينا وعليكم؟ ونُضيف إلى الأسئلة سؤالًا أساسيًّا آخر وهو: "الرئيس، قد عرفناه وعرفنا أنه لا يصدق حتى لو قال صباح الخير ـ لكن لماذا يصرّ البعض ومنهم أوادم ومشايخ محترمون أن يواصلوا تصديقه والدفاع عنه وعن سوء نواياه وإدارته؟
إنه سؤال المليون دولار!!.

• حفظ الإخوان ـ زارني هذا الأسبوع قريب يُشاورني في موضوع الضرر الذي لحق به جراء خريطة رفيق قاسم حلبي الهيكليّة. واتّضح من كلامه أنه لم يكن بحاجة إلى مشورتي بقدر ما جاء ليُعلن لي موقفه الذي خلُص إليه. وأورد هنا ملخّصه لأن فيه قيمة إضافية وعامة. مما قاله لي، إنه شارك في جلسات عمل جمعت بين متضررين من عائلة حلبي وبين الرئيس لتسوية مسائل تتعلّق بأضرار الخريطة التي لحقت بهم. وقال إنها جلسات تكررت في السنوات الأخيرة دون جدوى ـ "طحن مي" ـ كما قال. حتى أن بعض المشاركين في الجلسات أسمعه كلامًا قاسيًا. لكن بعد إعلان خليل حلبي عن نيته الترشّح للرئاسة ـ صار الرئيس يُلحّ على المجموعة أن يلتقيهم لتسوية قضاياهم. لكن صاحِبنا الذي زارني أدرك أن الرئيس يُريدهم رهينة لإعاقة ترشّح خليل حلبي وأنه حوّل عائلة كريمة ذات تاريخ مشرّف ومشايخ وأوادم إلى رهينة. وأنه قرّر رفض أن تكون تسوية لقضيته على حساب جيرانه ونسيبه. وقال جملة أدهشتني وأسجّلها هنا كما قالها: "مصلحة عائلة حلبي من مصلحة الدالية. أنا كرجل متديّن أفهم حفظ الإخوان على أنه حفظ جميع الإخوان يعني جميع أهل البلد دون استثناء".

• الحقيقة ولو ع قطع راسك ـ يسألني البعض ولماذا تورّط نفسك في قضايا السياسة المحلّية؟ فاسمك وموقعك أعلى بكثير ومكانتك الأكاديمية والإقليمية أسمى بكثير؟ وجوابي بسيط ـ أنا تربّيت في بيت علّمني أن أقول الحقيقة ولو ع قطع رأسي وأن أقف ضد الظلم والقهر والكذب. وكمثقّف متنوّر أصرّ على قول الحقيقة كاملة لأهلي. أنا الذي أؤمن بالنظريات النقدية وأمارسها في كل موقع وشأن لا يُمكنني أن أغلق بابي ورائي وأن أدير ظهري للناس من جيران وأهل بلد وأقارب. هكذا في الخارطة الهيكليّة (المحنة) وهكذا في إدارة المجلس المالية وفي أداء الرئيس كما هو، في محنة سورية والاحتلال وقانون القومية وكمينتس. وأسجّل هنا الحقيقة القانونيّة الواضح: بعد التصديق على الخارطة الهيكليّة المحنة والكارثة ـ لا يستطيع أحد تغيير خطوطها العامة ولا أحكامها الجائرة إلّا إذا سحبتها اللجنة اللوائية وفتحتها للتداول والتخطيط من جديد. وطالما أن الأمر لم يحصل فإن أقصى الحدود هو تغيير لصالح هذا المواطن على حساب مواطن آخر. الرئيس الذي أودع الخريطة واستمات في الدفاع عنها وعن أضرارها ـ لا يستطيع أن يُقدم لكم أكثر من تدوير المحنة أو رميها على جيرانكم.

• زمن النضال وزمن السحجة ـ في هذه الأيام أضع اللمسات الأخيرة على كتاب يوثّق نشاط فهمي حلبي في ثلاثة عقود منذ تسلّمه رئاسة المجلس المحلّي في الدالية منذ العام 1998. ما شدّ اهتمامي هو نضال رؤساء السلطات المحلّية الدرزية في التسعينيات وخاصة نصبهم خيمة اعتصام أمام ديوان رئيس الحكومة مرّتين. وفي المرتين عادوا بإنجازات مالية هائلة لبلداتهم. وبين هذه وتلك تظاهروا بالآلاف مرات عديدة ولم يتردّدوا في مواجهة الشرطة. وقد أثبتوا يومها أن الحقوق تؤخذ بالنضال والتخطيط المدروس وبالمواجهة. وهو استنتاج سياسيّ جوهريّ ينسحب على كلّ مكان وزمان بدلالة أن الرؤساء في تلك الفترة عمّروا وطوّروا ووسّعوا ونفذوا مشاريع استراتيجية لبلداتهم. رؤساء دافعوا عن حقوق أهلهم وبلداتهم بعناد صاحب الحقّ. أورد هذا هنا للمقارنة مع رؤساء يُتقنون السحجة والثرثرة، يتشاطرون على أهل بلدهم وينهزمون أمام الخواجة ويبيعونه مصالح بلدهم!!.