لتبقَ قرانا واراضينا لأهلها!/ وجهة نظر: منعم حلبي

تدور نقاشات حادة في الأيام الاخيرة من عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية حول حقيقة المشروع السكني في دالية الكرمل، المُعد للجنود المسرحين ولرجال الأمن.
ماهية النقاش:هل سيقطن في دالية الكرمل "غرباء" ام لا؟!.
يقول المعارضون، إنه وفق بنود المناقصة، لا يستطيع مجلس دالية الكرمل منع أي شخص من شمالي البلاد حتى جنوبها من ان يسجل للمناقصة ومن ان يفوز بها.
أولًا، انا شخصيًا ضد تغلغل الغرباء-سكان البلد غير الأصليين- في دالية الكرمل وفي عسفيا وفي قرى أخرى.
هذه الظاهرة هي إحدى المسببات الرئيسة لتغلغل ظاهرة العنف والإجرام في هذه القرى.
ثانيًا، مشروع سكني أي كان يجب ان يعطي أفضلية كاملة لأبناء البلد.
ثالثًا، كل ارض استولت عليها مؤسسة اسرائيلية، مثل الكيرن كييمت او مديرية اراضي اسرائيل او البارك، يجب ان تعود لاهلها، وهذا جيد.
رابعًا، وهنا بيت القصيد في هذه الكلمة: قضية بناء حارة "للجنود المسرحين" او "للضباط دائمي الخدمة في الجيش" مثله مثل بناء "مقابر عسكرية" في قرانا.
هذا مخطط مؤسساتي هدفه تفضيل الذين يخدمون في الجيش عن هؤلاء الذين يرفضون فكرة التجنيد.
لماذا لا تقيم وزارة الإسكان فرضًا حارة "للازواج الشابة" حتى لهؤلاء الذين لم يخدموا في الجيش؟.
لماذا لا تقيم حارة "للمسنين"، او "للمتقاعدين"، بغض النظر عن مدى خدمتهم او لا في الجيش؟!.
جاءت هذه التسميات بهدف إعطاء محفزات لشبابنا ليخدموا في الجيش وفي أقسام الامن المختلفة، وليبتعدوا عن فكرة التعليم العالي وفي الجامعات المختلفة.
لذلك ترى نسبة كبيرة من شبابنا لم يحصل على شهادة دبلوم- "بجروت"- وينخرط في سلك الامن، بدون مستقبل واضح.
من الجانب الآخر، ترى نسبة كبيرة من الصبايا تنخرط في المعاهد العليا، وهذا مؤشر ايجابي للغاية.
ليس سهوًا جاءت فكرة بناء احياء للجنود المسرحين، وليس سهوًا جاءت فكرة بناء الحي في دالية الكرمل.
ليس سهوًا تقوم مدارسنا فوق الابتدائية باستضافة مكثفة لضباط من الجيش، ليدلوا بمحاضرات لطلابنا وطالباتنا عن مدى اهمية الخدمة في الجيش!.
أعزائي، اهلنا في كل مكان: هذه البرمجة هدفها توسيع الهُوة والتمييز العنصري بين ابناء الشعب الواحد وبين ابناء البلد الواحد.
الدولة تميّز بين الاخ وأخيه. المساواة المعدومة بين اليهود وبيننا-العرب على مختلف طوائفهم- تتمخض هنا في فكرة التفرقة وعدم المساواة بين المنخرط في الجيش وبين الرافض لفكرة التجنيد من نفس القرية ومن نفس الطائفة!.
دولة تدّعي الديمقراطية لا تفرض على مواطنيها الخدمة في الجيش.
اوافق ان تبقى الخدمة قائمة، بشرط ان تكون اختيارية.
إمنحوا الحق لكل مواطن ان يقرر مصيره.
الخدمة في الجيش وفي سلك الامن والشرطة هي المسبب الرئيسي في تدني مستوى التعليم في الطائفة المعروفية.
بالطبع توجد أسباب اخرى متعددة، منها تعيينات قامت بها الدولة لأشخاص غير مؤهلين وغير مهنيين ليديروا جهاز التربية والتعليم في قرانا، عمدًا، لإبقاء الجهاز التربوي في الحضيض.
ليس صدفة تم فصل منهج التعليم الدرزي عن العربي عام 1976، ليس صدفة تم إجبار شبابنا على الخدمة في الجيش عام 1956.
هذه خطط مبرمجة ومدروسة من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي، هدفه التفريق بيننا كأمة عربية واحدة، وإبعادنا عن هُويتنا العربية وانتمائنا العربي، و"تدريزنا" بشتى الطرق والوسائل.
قضية التربية والتعليم هي قضية وطنية لدى جهاز المخابرات الإسرائيلي، كما جاء في عدة كتب ذات قيمة كتبها يهود.
لنعود لقضية المشروع المخطط في دالية الكرمل: "الامتيازات" التي يحصل عليها الشخص الذي خدم في الجيش/ الامن تبقى حبرًا على الورق.
مئات من هؤلاء الذين خدموا الدولة، غُرّموا جراء بنائهم على اراضيهم.
قسم منهم سُجِن، جراء رفضه هدم بيته الذي بناه والذي استثمر به ملايين الشواقل.
83% من اراضي الطائفة المعروفية صودرت على يد مؤسسات الدولة، والان يبدو وكأنها تقدم لنا معروفية جراء هذا المشروع.
فعلًا ان شر البلية ما يضحك!.
أخيرًا اقول، ومع اني ضد ماهية هذا المشروع، انه من الأفضل أن يخدم اهل دالية الكرمل فقط، وان لا تكون لرِجل "غريبة" مكان، بغض النظر عن عرقها ودينها!.
نحن ضد العنصرية الطائفية بكل اشكالها، ونحن شعب واحد، ولكن لتبقَ الدالية لاهلها، عسفيا لاهلها، ام الفحم لأهلها والناصرة لاهلها!.